الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحرّ: هل تضم الشؤون الدينية غير المدسترة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية ؟

نشر في  23 مارس 2016  (10:03)

بقلم: عفيف البوني


لقد وزع دستور2014 الصلاحيات في ضبط وإدارة السياسات العليا بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وبغض الطرف عن اﻷسباب والمآخذ في هذا التوزيع، حصر الدستور صلاحيات الرئيس في ضمان استقلال البلاد وسلامة ترابها وفي الدفاع والدبلوماسية واﻷمن الوطني واتخاذ التدابير التي تحتمها الحالة اﻹستثنائية (الفصول: 72و76و77و80).

رغم أنّه ما بين 1956و2011،وقع بناء 4400 جامع مسجد إضافة الى 1000جامع بنيت بين سنة 50هجرية 1956م وفد الى بلادنا اسلام سياسي ممول ومستورد وشعبي ومدعوم بـ450 فضائية سلفية، وبسبب ذلك تضاعفت أعداد وأفواج المكفرين أو التكفيريين في تونس التي تشكو بالكامل من عدم وجود كفار اﻻ في مخيلة اﻹسلام السياسي.

هذا الوضع الغريب وغير المسبوق والخطير، سهّل ظهور وتفاقم اﻹرهاب في تونس خصوصا حين ترك الباب مفتوحا  للفكر الخرافي وللشعوذة الدينية المسيسة، حيث رخص ﻷحزاب وجمعيات ترفع علما أسود ولا تعترف بالدستور وﻻ بمدنية الدولة. كل هذا خلل خطير يجب اﻹسراع بإصلاحه.
لقد بينت الحروب باسم الدين في العالم بشاعة استغلال الديانات، وما تسببت فيه من مآس، فكانت الفكرة الخلاقة: منع خلط الدين بالسياسة ﻹنقاذ استمرار الدين في قلوب المؤمنين بكل حرية، والسماح لكل المواطنين بممارسة السياسة بكل حرية، ولذلك وجب تحييد الدين عن السياسة ﻹنقاذ كل الحريات وكل الحقوق وكل المصالح، فكانت العلمانية، وقبل ذلك حصل في كل العالم وفي كل التاريخ إخضاع رجال الدين لرجال الدول.

والذين صوتوا للرئيس الباجي قائد السبسي اختاروه لكي يحمي الجمهورية ومدنية الدولة ومنع الحرب اﻷهلية وجلب اﻹستثمار وحظر المتاجرة بالدين، أي عدم خلطه بالسياسة، وقد انتخبه الخائفون على تونس لما له من خبرة واعتدال، وظنوا أنه سيفتك من الصلاحيات أكثر مما منعه عنه الدستور، وهؤلاء قد ﻻحظوا ما حصل في زمن رئاسة السبسي: استمرار البطالة وتواضع اﻹستثمار وتفاقم اﻹرهاب وتوظيف الدين في ما هو إنساني وبشري وحياتي وتنموي وخاصة وشخصي وضار بالجميع، ولذلك هم ينتظرون أن يضم الرئيس  السبسي الاشراف والتوجيه المباشر واليومي: الشؤون الدينية الى صلاحياته، وهو أي الرئيس السبسي يحفظ القرآن ويفهم الاسلام أكثر من مسيسي الدين، فأمن واستقرار البلاد والدفاع عن التراب واﻹستقلال والعلاقات الخارجية واﻹستثمار والتعايش، كلها قضايا مترابطة وتفرض ضم الشؤون الدينية الى مشمولات وصلاحيات الرئيس وسحبها من وزير له برنامج ﻻعلاقة له بالتنمية بل بإعادة تجربة طالبان في أفغانستان أي تحفيظ 100 ألف طفل القرآن بتعلة محاربة اﻹرهاب، - للعلم أن السعودية ودولا أخرى تحفظ القرآن للملايين ومع ذلك تعاني اﻷمرين من اﻹرهاب-، وهل رئيس الجمهورية يعرف من سيشرحون ويُحفظون القرآن ﻷطفال تونس؟ وهل الحبيب الصيد يعي ما يغالطه به وزيره؟ وهل هذا البرنامج يدخل في التنمية البشرية؟.

يا سيادة الرئيس أشرف بنفسك على الشؤون الدينية فأنا وأنت وكل التونسيين المسلمين حفظنا القرآن الكريم، وتفسيره غير المسيس في كتاتيب  زيتونية تونسية غير مسيسة وﻻ محزبة وغير ممولة من الخارج، فحسن اسلامنا وتعايشنا وصدقت وطنيتنا وتفتحت عقولنا على معارف عصرنا، ومن الخطر يا سيدي الرئيس ان تترك الحرب على اﻹرهاب بيد العسكريين وحدهم أو أن تترك ما هو أخطر، أي أن تترك الشؤون الدينية للهواة او الجهلة او الممولين من الخارج اوالمتحزبين حتى لو كانوا من حزبك. هذا خطر تلقحت ضده الدول المدنية الديمقراطية، وستكون ابنا روحيا للمجاهد اﻷكبر المتنور الحبيب بورقيبة، إن فعلتها، عندها ستأتي باﻹستثمار والتنمية وعندها سيعاني الدعاة واﻹرهابيون والمتآمرون على تونس من البطالة، ﻷن العمل والعلم سيشغل ويشغل الجميع، وفي تونس لا يوجد كفار أبدا بل يوجد منذ عدة عقود مكفرون أو تكفيريون.